التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

شذرات V

عبدالوهاب لاتينوس ---------------------------------- ثمة أمر وحيد لم أكن أطيقه في الليل ، هو أن أنظر مِن حولي فلا أرى أحداً يحدِّق فيَّ غير خيوطِ عناكب . لم أعشْ كثيراً بما يكفي ، لم ألثم نهد الحياة ، ولكنّي مستعداً أبداً للموت . في الليل قلبي ليس لي ، دائماً ما ينحاز إلى أمرأة . في الغالب ، نحن لا نفعل شيئاً فقط ، نقتل الوقت ثم بأقدام وَجِلة نهرب للخلف . لا أملكُ وقتاً لأحد ، لا للحب ، لا للوطن ، ولا حتى لنفسي . وقتي أبذره فقط هباءً في الكتابة .
آخر المشاركات

قصص قصيرة جداً

عبدالوهاب لاتينوس ------------------------------------------------------------------- (1 ) فقد شغفه بها ، فقد التوق إليها ، بعد أن غدا حبها بلا معنى ، بعد أن غدا حباً لا يجلب غير ركام الليل . كان يريدها وجبة طازجة ، يلتهمها كلما شعر بجوع يدب في جسده ، وهي أيضاً تنظر إليه مِن نفس الزاوية ، وإن كان هناك إختلاف طفيف . لم يكن يصدق نفسه ، أنه في يوم ما ، يفقد حبه إليها ، بريقه ، أن يبهت ، فيغدو مثل خرقة قماش ، نالت منها شمس آذار . والآن كل ما تبقى ، هو فتات حب ، أكل منها الزمن ، ما تبقى هو إشتهاء جنسيٌّ فقط . (2 ) هكذا ؛ فجأةً ؛ دون مقدمات ، نزع ملابسه ، كان يسير بخطى وئيدة بمحاذاةِ الطريق . كانت شمس الأصيل تضرب جسده ، جاعلةً منه لوحة باهتة المعَالِم ، تتلقفها نظرات المارة بحنق مكبوت . ما أثار غضبه ، وأجج النار في أحشاؤه ، كان قد تناهى إلى سمعه ، حديث نفر يقتعدون على حافةِ الطريق العام ، يلوكون كلام بغير إنتظام ، قال أحدهم : تم قتله لأنه لص ، لأنه عبد وكفى . حتى في بلاد الفرنجة يجلبون المشاكل . دعس بقدمه اليمنى هذه ا

أن تحتضن الفراغ

أن تبلل وسادتكَ بالدموع ، وأنتَ تخطو نحو ليل صاخب ، لا أثر للضوء فيه . أن تحتضن الفراغ ، وحيداً . تنظر من وراء زجاج النافذة ، فتحصد قفر الشوارع ، وهدوء الليل . أن تصيخ السمع ، فتسمع هدير الصمت يتعالى في المكان ، والستائر ترقص عاريةً نشوانةً تحت موسيقى الريح التي تشق بعنف جوف الليل ؛ ذلك يا صديقي ، هو الموت يتدثر في ثوب آخر . وحيداً ، تشعل لفافةً ، تأخذ نفساً عميقاً ، تنثر بإنخطافةٍ دخانها في فضاءِ الحجرةِ الضيقة . تتابع ساهماً مسار الدخان ، وهو يتراقص في الهواءِ الطلق . تتمنى في نفسكَ لو تكون مثله ، خفيفاً ترقص بنشوةِ سكيرٍ سمم النبيذ دمه ، أو مراهق في مبارزة أولى مع الجسد . تحدِّق مزهولاً إلى أعقاب السجائر المكدسة على المنفضة الصغيرة ، ثم تطلق الشتائم . من بعيد تنبثق أضواء شاحبة ، تومض بكسل . وأنتَ تحت ظلال الضوء ، تتفرَّس وجه الليل الذي بهت مَعالِمه . تدندن أو تهمس بلحن غير مفهوم البتة . تتناول كتاباً مرمياً على الأرض ، تنوي فتحه ، ثم تتراجع أخيراً ، فتضعه على الطاولة أو على السرير البوهيمي غير المرتب .

حبي لليل

عبدالوهاب لاتينوس --------------------------------------------- رغم كل شيء ، يمكنني أن أغفر للشمسَ إن لم تلد الضوء فتبعث النهار . ولكنّي أبداً لا أغفر لليل إن لم تهبني طازجاً جسد القصيدة . أحببت الليل فيما مضى وسأحبه فيما بقي مِن عمري ، رغم أنه لم يكن طيباً معي مِن نواحي كثيرة . حبي لليل ، يوازي حبي للمرأة ، النوم ، والكتابة . ربما سأقايض الكون ، بما فيه مِن بشرٍ وطيرٍ بليلة واحدة وكفى ، أظل أحدِّق عبرها في الفراغِ الموحشِ الذي ينسلُّ مِن جوفِ الليل . في الليل تشدُّني إبتهالات الصمت التي تطنُّ بصخب لا يُسمع . تجذبني خيوط الفراغ التي تطوِّق جسد الليل . في الليل تُثملني قصيدةً ، كأس نبيذ ، ستارة تراقصها الريح ، أو حتى ظلال شاحبة تمدد . / / / 21/5/2020 

في الليل يفور دمي

عبدالوهاب لاتينوس ----------------------------------- في الليل يفورُ دمي فيُولد الحب . يستبدُّ بي توقٌ إلى جسدِ المرأةِ ، فأسيرُ مترنحاً على حبالِ القلبِ ، ربما سأصل ولو متأخراً ؛ قبل تلاشي الليل بقليل . مَن يخاف الليل ، المرأة والحب ، لا يحصد شهقة الضوء لا يلمس يد الشمس ولا يقبِّل أبداً شفاه النهار . في الليل أنسلُّ إلى داخلِ الفراغِ بقفزةٍ واحدة . هناك يمكنني أن أصرخ ملء صوتي دون أن يسمعني أحد . في أحيان كثيرة لا أعرف ماذا أريد ، تختلط عليَّ الأمور ، ولكنّي في الليل أبداً لا أخطئ ، أرى كل شيء ، نقياً صافياً لكأنه خلف نافذة زجاج شفّاف . في الليل ، لا أبحث عن حبٍّ أبداً ولا فرق لديَّ في أن أتجرَّع قصيدةً ، كأس نبيذ ، أو حتى نهداً صغيراً لم يتكوَّر بعد . صِدقاً ، أنا لا أبحث عن حبٍّ كل ما أحتاجه جسدٌ طازج يهب الشمس ، فيبعث الدفء في بحرِ الروح . كل ما أحتاجه جسدٌ وكفى . / / / 18/5/2020

تخاف أن تعيش وحيداً

عبدالوهاب لاتينوس ------------------------------------------- لا تريد أن تكون وحيداً تحصد برد الليالي الذي ينخر العِظام ويجفف زهرات الروح! تخاف أن تعيش وحيداً ، دون أمرأة قد أحبتكَ يوماً ؛ أو ربما هي لم تحبكَ أبداً ، فقط منحتكَ جسدها ذات ليلة تنوء تحت صفعات المطر! أو ربما هي لم تمنحكَ جسدها ، فقط أطعمتكَ ثدييها بين زقاق قفر مِن المارة! أو ربما هي لم تطعمكَ ثدييها أيضاً ، وإنما أنتَ مَن أغتصب منها قُبلةً فوق مقاعد حديقة تكتظ بالعُشاق! ولكن ما معنى أن تحبكَ أمرأة ؟ غير إهراق دم طازج وإنصباب عرق وسلب سكون الليل! ما معنى أن تحبكَ أمرأة ؟ غير تعب يقصف العظام غير رعشة تسكن الأوردة وطفل لا يعنى سوى زيادة بؤس العالم! ما معنى أن تحتضن أمرأة أو أن تحتضنكَ هي فوق سرير يئن أو أن تتأبط ذراعك اليسرى على الرصيف وهي تضحك بسبب أو بلا سبب أيضاً! ورغم كل هذا التوجّس ، ها أنتَ وحيداً ، لا أحد يقرع بابكَ لينزع عنك معطف الوحدة الذي تتدثر به! وحيداً أنتَ ، تصغي إلى موسيقى صمت تشبه قُداس الأموات دون أن ترفع بصركَ عن السقفِ الباهت! وحيداً أنتَ ، تحترق بأعواد ثقاب ا
لا تكتب ، على خطى بوكوفسكي... عبدالوهاب لاتينوس ----------------------------------------- الكتابة أمرٌ سهلٌ جداً ، ولكن إن لم تستطع أن تتحمّل وصمة العار إن لم تتقبل وصمة الإلحاد ، فلا تكتب . لا تكتب إن لم تتقبل وصمكَ بزيرِ النساء ، الماجن والمنحط الذي لا يعرف غير العهر والجنس . إن لم تستطع أن تقول الحقيقة كاملة عارية في وضحِ النهار ، فلا تكتب . لا تكتب أبداً ، إن لم تكن مستعداً لتخسرَ أمك وأبيك ، أن يطردك والدك ، بلا رحمة ، مِن المنزل في صباحٍ باكر ، فتشيعه بإبتسامةِ فخرٍ وتحدٍّ . لا تكتب ، إن لم يكن بوسعكَ إبتلاع تقريعات الجميع بلا مبالاة . أبداً لا تكتب ، إن لم ترَ الكتابة ؛ تجديفٌ ضد كل شيء ، حتى الرب . بحقِ الجنون ، لا تكتب ، إن لم ترَ الكتابة؛ جنونٌ مِن نوع آخر موتٌ مِن نوع آخر جحيمٌ مِن نوع آخر . صِدقاً لا تكتب ، إن لم ترها ؛ إنتحارٌ بعد ممارسة حب عاصفة . لا تكتب أبداً ، إن لم تهبكَ لذة الجنس إن لم تهبكَ لذة الإحتضار إن لم تحب ذلك ، فلا تكتب . لا تكتب ، إن لم تعشق رائحة الكتب التي تشبه رائحة الطمث . لا تكتب أبداً ، إن لم تحس يوماً برغ