التخطي إلى المحتوى الرئيسي
وحده قلبي ...

عبدالوهاب لاتينوس
-------------------------------------
حين يجئ الليل
قد أكون أكثر مِن جسد
ينتصبُ بهزلِ مومياءٍ .

قد أكون أكثر مِن ظلٍّ
يرقصُ بين غبش الليل .

قد أكون أكثر مِن روح أيضاً
يتوق إلى روح أخرى
روحاً يتوقُ إلى التحليقِ بعيداً
خارج مدار الوقت الضيق .

وقد أكون أكثر مِن فوضى
يبحثُ عن حضن المعنى .

في الليل ، كم يسيئني أن أتنكُّر
إلى ظلي وهو ينسلُّ مِن ركامِ ضوءٍ شاحبة .
يسيئني أن أمسحَ غبش الليل
عن وجهي ، الذي ينضح تحت دخان سجائر
ينتثرُ في بهو الغرفة .

يسيئني أن أنظرَ يمنةً ويسرةً ،
فلا أجد كتاباً يداهمه نعاسُ الإهمال ،
وأن أجد المنفضة الوحيدة تغص بأعقابِ السجائرِ
التي سالت دماؤها على مائدةِ البؤس .

في الليل ، يسيئني أن أحنّ إلى بكاءٍ مُرٍّ ،
إلى ذرفِ دموعِ ، فلا أجد أمرأة
ألقي رأسي عليها ، وهي بأصابع رعشى
تحرش بحبٍّ ، لحيتي .

ويسيئني أكثر حين تفرُّ النصوص
مِن بين أصابعي ،
حين لا أجد نهد اللغة طازجاً
يقطُّر حليب المعنى ،
وحين لا أجد جسد الكتابة ،
فأفتضُّ عن نُبلٍّ ، بكارته .

في الليل ، كان يمكن لأي رجل آخر غيري ،
لم يمسسه ضوء الجنون بعد ،
ألا ينتشي على ظلٍّ نهدٍ طازج
ينزلق مِن خلفِ نافذةٍ .

ولكنّي لستُ أقوى على فعل ذلك
فعقلي لا يعمل أبداً في الليل .
فحين يجئ الليل
وحده قلبي ، سيد كل شيء .
/ / /
12/5/2020

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصص قصيرة جداً

عبدالوهاب لاتينوس ------------------------------------------------------------------- (1 ) فقد شغفه بها ، فقد التوق إليها ، بعد أن غدا حبها بلا معنى ، بعد أن غدا حباً لا يجلب غير ركام الليل . كان يريدها وجبة طازجة ، يلتهمها كلما شعر بجوع يدب في جسده ، وهي أيضاً تنظر إليه مِن نفس الزاوية ، وإن كان هناك إختلاف طفيف . لم يكن يصدق نفسه ، أنه في يوم ما ، يفقد حبه إليها ، بريقه ، أن يبهت ، فيغدو مثل خرقة قماش ، نالت منها شمس آذار . والآن كل ما تبقى ، هو فتات حب ، أكل منها الزمن ، ما تبقى هو إشتهاء جنسيٌّ فقط . (2 ) هكذا ؛ فجأةً ؛ دون مقدمات ، نزع ملابسه ، كان يسير بخطى وئيدة بمحاذاةِ الطريق . كانت شمس الأصيل تضرب جسده ، جاعلةً منه لوحة باهتة المعَالِم ، تتلقفها نظرات المارة بحنق مكبوت . ما أثار غضبه ، وأجج النار في أحشاؤه ، كان قد تناهى إلى سمعه ، حديث نفر يقتعدون على حافةِ الطريق العام ، يلوكون كلام بغير إنتظام ، قال أحدهم : تم قتله لأنه لص ، لأنه عبد وكفى . حتى في بلاد الفرنجة يجلبون المشاكل . دعس بقدمه اليمنى هذه ا

تخاف أن تعيش وحيداً

عبدالوهاب لاتينوس ------------------------------------------- لا تريد أن تكون وحيداً تحصد برد الليالي الذي ينخر العِظام ويجفف زهرات الروح! تخاف أن تعيش وحيداً ، دون أمرأة قد أحبتكَ يوماً ؛ أو ربما هي لم تحبكَ أبداً ، فقط منحتكَ جسدها ذات ليلة تنوء تحت صفعات المطر! أو ربما هي لم تمنحكَ جسدها ، فقط أطعمتكَ ثدييها بين زقاق قفر مِن المارة! أو ربما هي لم تطعمكَ ثدييها أيضاً ، وإنما أنتَ مَن أغتصب منها قُبلةً فوق مقاعد حديقة تكتظ بالعُشاق! ولكن ما معنى أن تحبكَ أمرأة ؟ غير إهراق دم طازج وإنصباب عرق وسلب سكون الليل! ما معنى أن تحبكَ أمرأة ؟ غير تعب يقصف العظام غير رعشة تسكن الأوردة وطفل لا يعنى سوى زيادة بؤس العالم! ما معنى أن تحتضن أمرأة أو أن تحتضنكَ هي فوق سرير يئن أو أن تتأبط ذراعك اليسرى على الرصيف وهي تضحك بسبب أو بلا سبب أيضاً! ورغم كل هذا التوجّس ، ها أنتَ وحيداً ، لا أحد يقرع بابكَ لينزع عنك معطف الوحدة الذي تتدثر به! وحيداً أنتَ ، تصغي إلى موسيقى صمت تشبه قُداس الأموات دون أن ترفع بصركَ عن السقفِ الباهت! وحيداً أنتَ ، تحترق بأعواد ثقاب ا
لا تكتب ، على خطى بوكوفسكي... عبدالوهاب لاتينوس ----------------------------------------- الكتابة أمرٌ سهلٌ جداً ، ولكن إن لم تستطع أن تتحمّل وصمة العار إن لم تتقبل وصمة الإلحاد ، فلا تكتب . لا تكتب إن لم تتقبل وصمكَ بزيرِ النساء ، الماجن والمنحط الذي لا يعرف غير العهر والجنس . إن لم تستطع أن تقول الحقيقة كاملة عارية في وضحِ النهار ، فلا تكتب . لا تكتب أبداً ، إن لم تكن مستعداً لتخسرَ أمك وأبيك ، أن يطردك والدك ، بلا رحمة ، مِن المنزل في صباحٍ باكر ، فتشيعه بإبتسامةِ فخرٍ وتحدٍّ . لا تكتب ، إن لم يكن بوسعكَ إبتلاع تقريعات الجميع بلا مبالاة . أبداً لا تكتب ، إن لم ترَ الكتابة ؛ تجديفٌ ضد كل شيء ، حتى الرب . بحقِ الجنون ، لا تكتب ، إن لم ترَ الكتابة؛ جنونٌ مِن نوع آخر موتٌ مِن نوع آخر جحيمٌ مِن نوع آخر . صِدقاً لا تكتب ، إن لم ترها ؛ إنتحارٌ بعد ممارسة حب عاصفة . لا تكتب أبداً ، إن لم تهبكَ لذة الجنس إن لم تهبكَ لذة الإحتضار إن لم تحب ذلك ، فلا تكتب . لا تكتب ، إن لم تعشق رائحة الكتب التي تشبه رائحة الطمث . لا تكتب أبداً ، إن لم تحس يوماً برغ