التخطي إلى المحتوى الرئيسي
وحدي لم أخونه

عبدالوهاب لاتينوس
----------------------------------------
وحدي لم أزل أحب هذا الوطن
رغم جرحه ،
رغم خيانته لي
ورغم طعنه لي من الأمام حيناً
ومن الخلف حيناً آخر .

وحدي لم أخونه أبداً
ووحدي لم أزل أطعمه من لحم جسدي
أسقه من ينبوع روحي .

صِدقاً ، وحدي مَن لعنته بصدق وحب
ووحدي مَن ذرفتُ الدموع
حاراً مِن أجله .

رغم ذلك ، ها أنذا يتيمٌ في المنافي
أجر عربة خيبتي ،
بعيداً تلفظني الحياة ، خارجها
وخارج كل شيء .

بلا ذاكرة ، في خدر أعيش
لا شيء ينزع عني ثمالة غربتي
غير صوت وردي *
يصدح في صلاة أبديٍّ تهز سكون الروح .
/ / /
13/3/2020

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصص قصيرة جداً

عبدالوهاب لاتينوس ------------------------------------------------------------------- (1 ) فقد شغفه بها ، فقد التوق إليها ، بعد أن غدا حبها بلا معنى ، بعد أن غدا حباً لا يجلب غير ركام الليل . كان يريدها وجبة طازجة ، يلتهمها كلما شعر بجوع يدب في جسده ، وهي أيضاً تنظر إليه مِن نفس الزاوية ، وإن كان هناك إختلاف طفيف . لم يكن يصدق نفسه ، أنه في يوم ما ، يفقد حبه إليها ، بريقه ، أن يبهت ، فيغدو مثل خرقة قماش ، نالت منها شمس آذار . والآن كل ما تبقى ، هو فتات حب ، أكل منها الزمن ، ما تبقى هو إشتهاء جنسيٌّ فقط . (2 ) هكذا ؛ فجأةً ؛ دون مقدمات ، نزع ملابسه ، كان يسير بخطى وئيدة بمحاذاةِ الطريق . كانت شمس الأصيل تضرب جسده ، جاعلةً منه لوحة باهتة المعَالِم ، تتلقفها نظرات المارة بحنق مكبوت . ما أثار غضبه ، وأجج النار في أحشاؤه ، كان قد تناهى إلى سمعه ، حديث نفر يقتعدون على حافةِ الطريق العام ، يلوكون كلام بغير إنتظام ، قال أحدهم : تم قتله لأنه لص ، لأنه عبد وكفى . حتى في بلاد الفرنجة يجلبون المشاكل . دعس بقدمه اليمنى هذه ا...

شذرات V

عبدالوهاب لاتينوس ---------------------------------- ثمة أمر وحيد لم أكن أطيقه في الليل ، هو أن أنظر مِن حولي فلا أرى أحداً يحدِّق فيَّ غير خيوطِ عناكب . لم أعشْ كثيراً بما يكفي ، لم ألثم نهد الحياة ، ولكنّي مستعداً أبداً للموت . في الليل قلبي ليس لي ، دائماً ما ينحاز إلى أمرأة . في الغالب ، نحن لا نفعل شيئاً فقط ، نقتل الوقت ثم بأقدام وَجِلة نهرب للخلف . لا أملكُ وقتاً لأحد ، لا للحب ، لا للوطن ، ولا حتى لنفسي . وقتي أبذره فقط هباءً في الكتابة .

أن تحتضن الفراغ

أن تبلل وسادتكَ بالدموع ، وأنتَ تخطو نحو ليل صاخب ، لا أثر للضوء فيه . أن تحتضن الفراغ ، وحيداً . تنظر من وراء زجاج النافذة ، فتحصد قفر الشوارع ، وهدوء الليل . أن تصيخ السمع ، فتسمع هدير الصمت يتعالى في المكان ، والستائر ترقص عاريةً نشوانةً تحت موسيقى الريح التي تشق بعنف جوف الليل ؛ ذلك يا صديقي ، هو الموت يتدثر في ثوب آخر . وحيداً ، تشعل لفافةً ، تأخذ نفساً عميقاً ، تنثر بإنخطافةٍ دخانها في فضاءِ الحجرةِ الضيقة . تتابع ساهماً مسار الدخان ، وهو يتراقص في الهواءِ الطلق . تتمنى في نفسكَ لو تكون مثله ، خفيفاً ترقص بنشوةِ سكيرٍ سمم النبيذ دمه ، أو مراهق في مبارزة أولى مع الجسد . تحدِّق مزهولاً إلى أعقاب السجائر المكدسة على المنفضة الصغيرة ، ثم تطلق الشتائم . من بعيد تنبثق أضواء شاحبة ، تومض بكسل . وأنتَ تحت ظلال الضوء ، تتفرَّس وجه الليل الذي بهت مَعالِمه . تدندن أو تهمس بلحن غير مفهوم البتة . تتناول كتاباً مرمياً على الأرض ، تنوي فتحه ، ثم تتراجع أخيراً ، فتضعه على الطاولة أو على السرير البوهيمي غير المرتب .